الخميس، 25 أبريل 2024 08:45:27 مـ
مراية
  • إعلان
  • إعلان
اعرف تاريخك

التاريخ النضالي لعمال مصر

عمال مصر - أرشيفية
عمال مصر - أرشيفية

 

يمتلأ تاريخ الطبقة العاملة المصرية بالنضالات العظيمة ..انتصارات حققتها أحيانا وهزائم  تجرعتها أحيانا أخرى في ظل معارك عديدة خاضتها كقوة اجتماعية اثبتت من خلالها  أنها قادرة على خلق عالم جديد خالي من العبودية والاستغلال والقهر.

ربما لا يعلم الكثيرين أن أول صفحة من صفحات النضال العمالي كُتبت سطورها في مصر حيث سجل التاريخ أول إضراب عمالي قام به عمال المقابر في قرية دير المدينة بالقرب من وادي الملكات في عهد رمسيس الثالث .. من هنا بدأت أولى ملاحم النضال وما زال مستمراً حتى يومنا هذا .

تاريخ عريق من النضال العمالي ، من اضراب عمال الفحم في بور سعيد  عام 1882 وإضراب عمال السجائر في ديسمبر عام1899 والذي انتصر في فبراير من عام  1900 وصولا إلى إضراب عمال المحلة 2008 ، وصولا إلى قمع الإعتصامات والإحتجاجات واعتقال القيادات العمالية وسجنهم بعد استيلاء الجنرال السيسي على الحكم وعزل الرئيس محمد مرسي في  العام 2013  .

بدأت الحقبة الناصرية مع الطبقة العاملة المصرية بإعدام قائديّ اضراب عمال كفر الدوار في اغسطس سنة 1953 خميس والبقري، وقمع إضرابات عمال نسيج إمبابة بالدبابات في نفس الفترة تقريباً، انتقل النظام بعدها لإستخدام طريقة العصا والجزرة ، ففي مارس سنة 1954 إستطاع النظام الناصري شراء رؤساء نقابة النقل العام من أجل دعم الديكتاتورية العسكرية في مواجهة الحركة الشعبية المطالبه بالديمقراطية ، وفي عام 1957 فقد التنظبم النقابي العمالي استقلاله وديمقراطيته حيث تم تأميمه وسيطرعليه النظام تماما

 

انتقل النظام لمرحلة الجزرة مع بداية الستينات وبرغم تقديم المكاسب الإجتماعية للعمال بالتوازي مع مظلة التأمينات الإجتماعية ومشاركة العمال في الأرباح ،إلاَ أن هذا لم يعني زوال الاستغلال والقهر ، فحرم العمال من التمثيل في المجالس الشعبية اللهم الا من تمثيل زائف وكذلك حرموا من النضال النقابي المستقل مع عدم السماح لهم بتشكيل اي منظمات سياسية والسيطرة على منظماتهم النقابية .

كان إضراب عمال الحديد والصلب في أغسطس 1971 في حلوان اول صدام بين دولة السادات حيث قامت الحكومة بفصل عدد من العمال الذين شاركوا في الإضراب وقدمتهم للمحاكمة ونقلت بعضهم إلى أماكن أخرى، وعزلت قيادة اللجنة النقابية في المصنع وحذرت العمال من تكرار ذلك في المستقبل وبرغم ذلك جاء إضراب عمال شبرا الخيمة بعد سبعة شهور في مارس 1972 تحديا لإرهاب الحكومة ولكن هذه المرة حقق العمال انتصارا على النظام

 

وفي أول يناير 1975 احتل عمال حلوان مصانعهم وطالبوا بالحد من التفاوت بين أجور العمال والإدارة، وطالبوا أيضا بحرية الصحافة وإقالة رئيس الوزراء. كما أعلن عمال الغزل بشبرا الخيمة إضرابهم تضامنا مع عمال حلوان. وفي مارس من نفس العام أعلن 27 ألف عامل من عمال شبرا الخيمة الإضراب وتبعهم عمال النسيج في المحلة الكبرى واشترك في الإضراب حوالي خمسة آلاف عامل .

 

كان التحدي الأكبر في مواجهة العمال لنظام السادات تظاهرات انتفاضة الخبز في 18 و 19 يناير عام 1977 حيث أجبرت التظاهرات التي تقدم العمال صفوفها الأولى السادات وحكومتة على التراجع عن رفع أسعار السلع الأساسية ولم ينجح تشويه السادات للتظاهرات ووصفها بإنتفاضة الحرامية في افشال التظاهرات .. مرة أخرى يحقق العمال انتصارا كبير من أجل حقوقهم ، لاحقا قال السادات في خطابه: "اللي عايز يفجر موقف في مصر يلاقي المادة المتفجرة في مكانين : في الطلبة باعتبارهم شباب مندفع لا يتروى في التفكير.. عايز يعيش وعايز يكون له كيان ، والمادة الثانية هي العمال .

 

كان للحركة العمالية أيضا دوراً سياسيا في إدانة معاهدة السلام التي ابرمها السادات مع الكيان الصهيوني ومهاجمة سياسة الإنفتاح الاقتصادي وكذلك المطالبة بتحسين الأجور كان ذلك في عام 1979 عندما اضرب عمال شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى. وشارك في الإضراب حوالي 30 ألف عامل .

 

بعد مقتل السادات في حادث المنصة في أكتوبر 1981 ، جاء مبارك الذي لم يتحول عن سياسات الانفتاح القديمة التي بدأها سلفه أنور السادات ، واستمر في العداء للحركة العمالية والقمع الوحشي لها. فقد أعلن عن توجهات الحكومة نحو تشجيع الاستثمار والإنتاج من أجل التصدير والخصخصة وإطلاق حرية السوق. كانت هذه السياسات تعني مزيدا من إفقار الجماهير والضغط على مستوى معيشة العمال، وتطلب ذلك بالقطع درجة أعلى من القمع والوحشية في مواجهة تحركات العمال الاحتجاجية.

 

برهن على هذه الوحشية مواجهة الحكومة لانتفاضة عمال كفر الدوار في عام  1984 حيث سقط ثلاثة شهداء ولم يختلف القمع في مواجهة اضرابات عمال النسيج بالمحلة وإسكو وعمال السكك الحديدية وعمال الحديد والصلب ثم اضراب عمال السكة الحديد في 1986 ثم مظاهرات عمال المحلة 1988 وعمال الصلب بالتبين 1989 ثم القومية للأسمنت عام 1991 وهي جميعا تجارب نضالية فضحت الطابع الدموي لمنظومة أمن نظام مبارك .

جاءت تظاهرات عمال المحلة الشهيره  واضرابهم في السادس من ابريل عام 2008 كتمهيد الأرض لثورة شعبية عارمة حيث اسقطت الإحتجاجات الغاضبة صورة المخلوع مبارك لأول مرة ، واذا كانت ثورة يناير قد البست مصر ثوب الكرامة بدماء ابنائها فقد غزلت خيوطه الأولى مدينة المحلة عندما نسج العمال بدمائهم سجادة حمراء خطا المصريون عليها إلى ميادين الحرية .

قد يعتقد البعض أن ثورة يناير قد اشتعلت جذوتها فقط بعد مقتل الشاب خالد سعيد ، والصحيح أن حادثة مقتل ايقونة ثورة يناير كانت الشرارة فقط ، وأن الثورة كانت فعلا تراكميا كنتيجة طبيعية لمراحل الصراع الطبقي في العشر سنوات السابقة لها خلال ما وُصف بعهد تزاوج رأس المال والسلطة ، وكالعادة كان عمال مصر في القلب من ثورة الشعب وحققوا مكاسب كبيرة بعد السلطة  كان أهمها انشاء النقابات المستقلة لعمال وفلاحي وصيادي وعموم حرفيي ومهنيي مصر وهو أحد أهم مكتسبات الثورة المصرية .

تحولت الأمور في عهد المجلس العسكري من سيء لأسوء وشهد عام 2011 فقط 1400 اضرابا ووقفات احتجاجية  في ظل مطالبات العمال بإصدار حزمة تشريعات جديدة لهم وتغيير قانون التأمينات وقانون النقابات وكذلك قانون العمل ووضع حد أدنى وأعلى للأجور ولم يغب العمال عن ميادين الحرية طوال حكم المجلس العسكري دفاعا عن حقوقهم .

لم يرضى العمال بالفُتات الذي حصلوا عليه بعد ثورة يناير فلم تتوقف الإعتصامات والإحتجاجات في عهد محمد مرسي وسط اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بما عرف بمصطلح أخونه الدوله واتهامات للدستور الذي تم اقراره بالتشجيع على السخره وتشغيل الأطفال وكذلك امكانية حل النقابات بحكم قضائي إضافة إلى تعيين بعض رجال نظام مبارك كجبالي المراغي رئيس اتحاد عمال مصر حتى الآن ، وإدانة الإضرابات العمالية من على منابر المساجد بادعاء حرمانية الإضراب والاعتصام، فكانت اضرابات الشرقية للدخان ومصر للألومنيوم شاهدة على اصرار العمال على نيل حقوقهم .

 

بعد استيلاء المؤسسة العسكرية على السلطة في عام 2013 ووصول السيسي لسدة الحكم اندلعت مئات الإحتجاجات ووصلت في الربع الأول من عام 2015 إلى 1655 احتجاجا في القطاع الحكومي وحده ، بعدها اصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا يقضي بإحالة الموظفين العموميين المضربين عن العمل أو المعتصمين إلى المعاش، كعقاب لمخالفتهم أحكام الشريعة الإسلامية .


مع تصاعد الاحتجاجات العمالية ، لجأ نظام السيسي إلى استخدام قوات الأمن كوسيلة لفض الاعتصامات، كما جرى في وقائع متعددة أبرزها فض اعتصام أصحاب المعاشات، وعمال شركة "الصناعات الهندسية بشبرا الخيمة" أمام مجلس الوزراء، واعتصام عمال شركة وبريات سمنود، وعمال "طنطا للكتان وإعتقال 28 عاملا من الأوقاف اعتقال عشوائي لمئات العاملين بمساجد الإسكندرية المحتجين على تدني رواتبهم ثم محاكمة عمال الترسانة البحرية عسكريا والكثير والكثير من قمع احتجاجات عمال مصر .

وصلت الأوضاع المعيشية لعمال مصر إلى انهيار غير مسبوق من تدني الأجور وعجزهم عن الإيفاء بإلتزاماتهم في ظل سياسة الإصلاح الإقتصادي التي سحقت الطبقة العمالية كرفع الدعم ورفع أسعار الخدمات والمواصلات مع ثبات الدخل ، وعجزهم عن الإحتجاج في ظل القبضة الأمنية التي لا تتردد في الزج بهم خلف السجون .

وفي ظل أوضاع معيشية منهارة وغير مسبوقة فإن كل الشواهد تؤكد أن هناك حالة انفجار وشيك ضد نظام بدأ حكمه بوعود وأحلام وردية فإذا بالشعب المصري وفي القلب منه الطبقة العمالية يستيقظون كل صباح على كابوس جديد .

ربما تكون شرارة غضب عمالية السبب في ميلاد أفق جديد للنضال القاعدي العمالي الهدف منه أن ينظم العمال حركتهم ويوحدوا رؤيتهم في عملية شاقة طويلة تنشد تفعيل وتنشيط حركة الجماهير العمالية من جديد ومواصلة نضالها ضد سياسات القمع والتشريد والقهر ـ وفي انتظار ملحمة عمالية جديدة .. ربما لن تتأخر كثيرا ..والإستعباد

 

عيد العمال عمال مصر النضال العمالي

    x
    upload/press/iNFO/rss/rss15.xml x0n not found
إعلان
إعلان